خروج اليهود من مصر أو دخولهم إليها
من أكثر المعلومات في التاريخ هي فترة وجود اليهود في مصر و بالتالي فترة خروجهم منها و مايتعلق بها بخصوص منطقة معيشتهم و الفرعون الحاكم في ذلك الوقت ، أو من يطلق عليه فرعونالخروج نسبة لخروجهم من مصر.
و سوف نلقي هنا بعض الضوء عن هذه الفترة الهامة من التاريخ المصري مستندين إلي العديد منالدراسات و الشواهد و الحقائق التاريخية و كذلك الدينية طبقاً لما جاء ذكره في التوراة و القرآنالكريم .
من أشهر هذه المعلومات الخاطئة أن فرعون الخروج هو الملك رمسيس الثاني !! و العجيب إذا قمنابتتبع هذه المعلومة فسوف نجد أن أصل المعلومة لا يتعدي كونه فيلم أمريكي يعود إلي الخمسينات منالقرن الماضي و هو الفيلم الشهير " الوصايا العشرة "
يمكن لي أن أتفهم رغبة اليهود في تعظيم حجم الفرعون الذي عاش في فترة سيدنا موسي عليه وعلي نبينا الصلاة و السلام ، حتي يمكنهم الافتخار بإنتصارهم عليه . أما لو كان هذا الفرعون هومجرد ملك مغمور فلن يكون طعم الانتصار عليه بنفس الحلاوة .
أولاً حينما نتحدث عن خروج اليهود من مصر فإننا يجب أن نتحدث أولاً عن دخولهم إلي مصر حتييمكننا فهم الموضوع كاملاً . عندما حضر بنو إسرائيل إلي مصر و هم من يطلق عليهم العبرانييننسبة لعبورهم نهر الأردن ، لم يكن إسمهم اليهود في هذا الوقت حيث أن الديانة اليهودية قد نزلتعلي سيدنا موسي في فترة لاحقة . كان يطلق عليهم بنو إسرائيل ، و بنو إسرائيل هم أبناء نبي اللهيعقوب و الذي أعطاه الله هذا اللقب " إسرائيل " و هو يعني " رجل الرب" . طبقاً لرواية التوراة والقرآن فإن نبي الله يوسف قد أتي إلي مصر عندما تركه إخوته في غياهب الجب في الصحراء حيثإلتقطه بعض المسافرين و كان مايزال طفلاً ، و تربي يوسف إبن النبي يعقوب في مصر و كان فيرعاية شخص من الأشخاص المقربين من الملك و من الطائفة الحاكمة و ربما كان هذا الشخص هووزير الملك طبقاً لما جاء في القرآن الكريم " عزيز مصر "
ثم أتي إخوة يوسف للتجارة مع مصر و شراء الغذاء و ذلك لما كانت تمر به بلادهم من سوء الأحوالالجوية و صعوبة الرعي و هو ما كان المهنة الأساسية لهؤلاء القوم إلي جانب التجارة . تعرف عليهمسيدنا يوسف و عرض عليهم إن يستقروا في مصر ، و كانت هذه هي بداية دخول بنو إسرائيل إليمصر و إستقرارهم فيها .
تشير الدلائل التاريخية إلي أن هذه الفترة تعود إلي فترة آواخر الدولة الوسطي أو أوائل عصرالاضمحلال الثاني أي حوالي ١٩٠٠-٢٠٠٠ قبل الميلاد ، و كما ذكرت كتب اليهود رغم عدم دقتها أنبنو إسرائيل مكثوا في مصر حوالي أربعة قرون من الزمان و في بعض الكتب الأخري أنها كانتفترة أربعة أجيال . الفرق هنا أن فترة الجيل تتراوح بين ٣٠-٥٠ سنة و بذلك تكون فترة وجود بنوإسرائيل في مصر أقل من أربعة قرون بكثير ، هذا ليس معرض حديثنا الآن و سوف نتحدث فيهلاحقاً في مقال آخر إن شاء الله .
في هذه الفترة من تاريخ مصر كانت عاصمة الدولة أو بالأحرى العاصمة المركزية أو المدينة الأقويتقع بين الدلتا و بين مصر الوسطي . كانت مصر في هذه الفترة في منتهي الضعف و كانت شبةمقسمة إلي مناطق و أقاليم تقع تحت قيادة محلية و إن كان هناك ملك يحكم من عاصمة إلا أنسلطته ربما لا تتعدي حدود مدينته . كانت كل الظروف مهيئة لقدوم أغراب عن البلد يمكن لهمالاستقرار و العمل بسهولة تامة في غياب السلطة المركزية القوية . بل كان من الممكن لهم أن يزدادسلطانهم و قوتهم يوماً بعد يوم في غياب حكومة الدولة المضيفة مصر .
يوماً بعد يوم و مع إزدياد الضعف و تسرب الوهن في كيان الدولة المصرية ، إستطاع بنو إسرائيلالحصول علي مناصب عدة في الدولة كما برعوا في فن التجارة و أصبح العديد منهم من أصحابالأعمال الأغنياء الذين إستطاعوا السيطرة لاحقاً علي مقاليد الحكم و التجارة و الثروة في مصر. ومن أعظم الشواهد علي ذلك هو الشخصية المذكورة في القرآن " قارون" و الذي كان يعجز عدد كبيرمن الرجال الأشداء عن حمل مفاتيح خزائنه في دلالة قاطعة علي تضخم ثروة الرجل و الذي لم يكنمصرياً أصيلاً بل كان من بنو إسرائيل .. و هو ما يتنافى مع مزاعم اليهود أنهم كانوا مضطهدين منالمصريين ! نعم لقد وقع اليهود في مصر تحت طائلة الاضطهاد و لكن ممن ؟ لقد وقعوا تحت إضطهادجبار و مخيف و لكن ليس من المصريين بل من أبناء جلدتهم و الذين تقلدوا مقاليد الحكم و أمسكوابزمام الثروة في بلد أنهكته الحروب الأهلية لفترة طويلة قبل قدومهم إليه و للحديث بقية إن شاء الله ...
No comments:
Post a Comment